حللت اليوم على منزل والداي،أخي عاد من سفره من الولايات المتحدة لم نراه منذ ما يقرب سنتان، في الواقع لم تغير منه الغربة شيء مازال كما كان. للمرة الاولى يرى طفلي ، مخلوق صغير جميل اضاف وجوده فرحة على عائلتنا، كان يحمله بين ذراعيه وكل جسمه منحني يبدو جليا عدم خبرته في حمل الأطفال عكس أخي الأصغر الذي أصبح معتاداً عليه ، و صغيري بدوره أصبح وجه خاله مالوفاً لديه، بمجرد أن يراه يبتسم في وجهه و يبدا في القفز محاولاً الوصول إليه ليحمله، ألاحظ كم هي قوية علاقتهما ببعض، يقال أن الأطفال يحبون بالفطرة من يحبهم أكثر.
بمجرد أن أدخل إلى هذا المنزل، اذهب مباشرة إلى غرفتي، أتفقدها، أتفحص اركانها ركناً ركناً، فهذا مكاني الخاص، إلى هنا انتمي، وأن يكون لك مكان فهو بالروعة بما كان، مكان لك. أتذكر أول يوم اشترينا فيه هذا المنزل، بمجرد أن رايت غرفتي، أحببتها، لم أترك المجال لاحد كي يختارها ولا ليناقشني إختياري، كنت قذافية منذ الأول.
منذ أن تركت المنزل لانتقل إلى الدار البيضاء أصبحت هذه الغرفة أجمل، غرفتي لها واجهتان، تزورها الشمس طوال النهار، الصباح بإشراقها الجميل والمساء بلونها الباهي، كنت دايماً اتمتع بغروب الشمس وهو يمحو زرقة السماء ويخفي البحر الذي يبدو من بعيد من نافذة هده الغرفة الجميلة. لون الجدران أرجواني فاتح، النوافذ والخزائن بلونها الأبيض تجعلني ارتاح بمجرد التواجد داخلها، مازالت بعض أشيائي كما هي لم تتغير، كتبي، متراصة على رف الخزانة، كتب تختزل سنوات الدراسة بما حملته من نجاحات وإخفاقات، فرحة ودموع، ليال طويلة حيث كنت ادرس على مكتبي الحديدي،كتبي و أوراقي المتبعترة في كل مكان، ولكن ليس إعتباطاً، فكل ورقة كانت هناك لاجل أشياء معينة، وأنا أضعها بطريقة معينة لاجدها كما تركتها، لم أكن أحب أن ينظف الغرفة أحد غيري ، وحدي كنت أعرف تفاصيل كل شيء؛ الحاسوب كان ايظاً يتواجد فوق مكتبي، لتسجيل كل الأشياء التي تهمني، استعملته أيظاً للموسيقى، فالموسيقى جزء مهم من عالمي، الرائع charles aznavour، dany brillant ، جوليا بطرس، أناس لموسيقاهم وقع خاص في نفسي، وكان لابد أن اشغل الموسيقى وأنا متواجدة بالغرفة طول اليوم. في فترة من الفترات، أيام الثانوية كانت توجد ايظاً التلفزة وجهاز فيديو قديم لكن لا تستهوٍيني هذه الوسيلة السمعية البصرية، أحب أكثر الاستماع إلى الراديو، وكنت أتوفر على راديو صغير جداً في الحجم كنت اسميه la chaine، لان صوته كان قوي لدرجة تحسبه جهاز كبير، تدخل الغرفة تسمع الصوت جلياً واضحاً، وتتسال من أين، كنت أضعه قرب سريري حثى استطيع إطفاءه متى إستيقضت خلال الليل، لاني كنت أغفو على موجات الأثير كل ليلة.
أمي كان لها ايظاً تواجد خاص بهذه الغرفة، تدخل لكي تتفقد خزانة الملابس، هل هي مرتبة أم لا، وإن صادف وكانت الفوظاء تعم المكان، لا استطيع أبداً اسكاتها وهي تلومني على عدم اهتمامي بترتيب خزانتي، ولماذا أترك بابها مفتوحا بعض كل إستعمال، أتذكر أنها يوم العطلة، تاتي في الصباح الباكر، لتاخد الملابس المتسخة لتغسلها، أول شي ء تبدا به هو فتح النافذة الموجودة فوق راسي مباشرة، وكم كنت أكره ذلك وتبدا السؤال عن كل قطعة إن كانت تحتاج الغسيل أم لا، كنا غالباً ما نتشاجر لاني ارغب في النوم وهي لا تريد ذلك، سمة أخرى من سمات غرفتي هي البرد القارس، ليس في شهر مارس فقط، ولكن فصل الشتاء والخريف، وحثى الربيع، الجو بارد جداً داخل الغرفة، كنت أنام وأنا ملتحفة الكثير من الملايات، أما في فصل الصيف فتكون الأجواء جميلة، لا أشعر بالحر مهما كانت درجة الحرارة مرتفعة. اليوم أعود من حين لاخر إلى غرفتي، انفظ عنها غبارها، وأشعر بدفءها، انها كانت ومازالت مكاني الخاص.